قال الإمام سفيان الثوري: (إنما العلم الرخصة من ثقة ، أما التشديد فيحسنه كل أحد).

التشديد في حقيقته هو الاجتهاد الأسهل وليس الاجتهاد الأفضل

السبت، 24 ديسمبر 2011

أدلة من القرآن مع بيانها من السنة علي سفور وجه المرأة


بعض الأدلة التي نسوقها هنا من القرآن الكريم ليست صريحة كل الصراحة في دلالتها علي المقصود ولكنا يمكن أن نتبين هذه الدلالة من سياق الآيات أو من سياق الأحاديث ومن تناول العلماء لها.

الدليل الأول :

قال تعالي:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} و {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِن أَبْصَارِهِنَّ} 

قال ابن تيمية : "والنظر المنهي عنه هو نظر العورات ونظر الشهوات وإن لم تكن من العورات".

قال عياض ت سنة 544ﻫ : غض البصر يجب علي كل حال في أمور العورات وأشباهها ويجب مرة علي حال دون حال فيما ليس بعورة.

وقال ابن عبد البر ت سنة 463ﻫ : وجائز أن ينظر إلي ذلك منها( أي الوجه والكفين ) كل من نظر إليها بغير ريبة ولامكروه , وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة , فكيف بالنظر إلي وجهها مسفرة.

ومثل هاتان الآيتان من سورة النور ورد في فتح الباري:...وعند ابن أبي حاتم من طريق ابن عباس في قوله تعالي:{يعلم خائنة الأعين} قال: هو الرجل ينظر إلي المرأة الحسناء تمر به ويدخل بيتا هي فيه فإذا فطن له غض بصره.
وأني للرجل أن ينظر إلي المرأة تمر به ويفتن بحسنها إن لم تكن عادة النساء كشف وجوههن؟

وهناك أحاديث كثيرة تحض علي حفظ البصر وتذكر بالغض من البصر وتحذر من مغبة إرسال النظر.

من هذه الأحاديث:

• قوله صلي الله عليه وسلم : ( إياكم والجلوس في الطرقات .. قالو وما حق الطريق ؟ قال غض البصر..). (رواه البخاري ومسلم) 

قال الحافظ ابن حجر ت سنة 852ﻫ : وقد اشتملت الأحاديث علي علة النهي عن الجلوس في الطرق ومن التعرض للفتن بخطور النساء الشواب وخوف ما يلحق النظر إليهن من ذلك , إذ لم يمنع النساء من المرور في الشارع لحوائجهن.

• وقوله صلي الله عليه وسلم لعلي: ( ياعلي لاتتبع النظرة النظرة فإن لك الأولي وليست لك الآخرة ). (رواه الترمذي)

• وقوله صلي الله عليه وسلم : ( يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ).(رواه الجماعة عن ابن مسعود)

• وقوله صلي الله عليه وسلم :( اضمنوا لي ستاً أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم , وأدوا إذا ائتمنتم , وغضوا أبصاركم..). (رواه البيهقي)

• عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري. (رواه مسلم) 
نظر الفجاءة : أن يقع نظره علي الأجنبية من غير قصد. 

فهل يمكن أن يكون كل هذا التذكير والتحذير من أجل النظر إلي الثياب الظاهرة؟ أو إلي شئٍ من زينتها المستورة أصلاً ولكنها ظهرت عن ضرورة أو دون قصد من المرأة وهو نادراً ما يحدث.

و لو افترضنا بوجوب الستر فكيف تكون الصورة, إمرأة ترتدى ثوباً واسعاً لا يصف ولا يشف وليس بقصير و العين اليسرى أو اليمنى أو كلتيهما ظاهرتين ففيم غض البصر ، وأين المحاسن ، وأين الفجأة ، وماذا سيرى الرجل فى الفجأة ليغض عنه النظر وما معني أن الزواج أغض للبصر إذا كان البصر لا يري شيئاً من النساء؟

إن الآية الأولي: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} تشير إلي أنه كان هناك شئ يري من المرأة عادة ويقتضي من الرجل غض البصر عنه , كما أنه كان هناك شئ يري من الرجل يقتضي من المرأة غض البصر عنه كما في الآية الثانية {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}. أي أن الفتنة أمر مشترك بين الرجال والنساء , وعلي كل من الفريقين أن يغض من بصره عما يظهر من بدن الطرف الآخر.وأقل قدر مشترك بينهما هو الوجه والكفان.
وإذا كان هذا هو الحد الأقصي الذي يشرع للمرأة كشفه فهو الحد الأدني الذي يكشفه الرجل عادة.إذن هو أمر فطري في الإنسان رجلا كان أو امرأة أن يكشف عن وجهه ويديه ويمضي يعمر الأرض.فالرجل يري من المرأة وجهها ويديها والمرأة قد تري من الرجل ما هو أكثر من ذلك , ولكن مما يجعل الاثنين قريبا من السواء اختلاف درجة الفتنة في بدن كل منهما , فبدن المرأة أشد فتنة للرجل.فإذا زعم البعض أنه إنما يسد باب فتنة الرجال سدا مطلقا بستر وجه المرأة , فهل يمكن أن يسد باب فتنة الرجل النساء بستر وجه الرجل؟هذا لو كان قصد أولئك إبعاد المؤمن والمؤمنة وليس إبعاد أحدهما فحسب.

إن هذا الموقف يثبت أمرين أولهما : الاعتساف والتعنت عند محاولة سد باب الفتنة بين الرجال والنساء سدا مطلقا بدليل العجز عن ذلك. وثانيهما : أن هناك استضعافا من الرجال للنساء من ناحية , وغيرة مرضية لدي الرجال من ناحية , غيرة تغالي في اعتبار رؤية وجه المرأة من خصوصيات الزوج والمحارم فلا يجوز أن يراه الرجال.

الدليل الثاني :

قال تعالي: {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن}

تقرر الآية أنه لايحل لرسول الله الزواج من بعد ولو أعجبه حسن بعض النساء , وكيف يعجبه حسنهن دون رؤية وجوههن مع العلم أن الرؤية هنا غير رؤية الخاطب الذي يحل له الزواج وعزم علي الخطبة. فهذا العزم إذا أعلن يدعو المرأة التي ألفت النقاب أن تخلعه , إذن الرؤية هنا هي الرؤية العابرة التي يري فيها الرجال وجوه النساء في عامة الأحوال والتي قد يتبعها إعجاب بحسن إحداهن و ليست الرؤية بقصد الخطبة.

في هذا المعني يقول الجصاص في تفسيره : (ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن).

وكما تذكر الآية الكريمة إمكان إعجاب الرسول بحسن بعض النساء عند الرؤية العابرة لهن,تشير عدة أحاديث إلي إمكان وقوع مثل هذا الإعجاب من عامة الرجال, وذلك نتيجة كشف النساء وجوههن في عامة الأحوال عند لقائهن الرجال أو مرورهن أمام الرجال:

• عن جابر أن رسول الله رأي امرأة ( وفي رواية عند أحمد: رأي امرأة فأعجبته) فأتي امرأته زينب وهي تمعس منيئة, أي تدبغ أديما, فقضي حاجته ثم خرج إلي أصحابه فقال: إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه. (رواه مسلم) 

• وفي رواية أخري لمسلم عن جابر: سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلي امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه.

• عن ابن مسعود قال: رأي رسول الله امرأة فأعجبته...ثم قال" أيما رجل رأي امرأة تعجبه فليقم إلي أهله فإن معها مثل الذي معها". أخرجه الدارمي

• وروي أحمد من حديث أبي كبشة الأنماري أنه صلي الله عليه وسلم قال: مرت بي فلانه فوقع في قلبي شهوة النساء فأتيت بعض أزواجي فأصبتها فكذلك فافعلوا, فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال.(سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني)

فسبب الحديث يدل علي أن الرسول رأي امرأة معينة (بنظر الفجاءة) فوقع في قلبه شهوة النساء بحكم بشريته ورجولته , ولا يمكن أن يكون هذا إلا إذا رأي وجهها الذي به تعرف فلانه من غيرها, كما أن قوله: ( إذا رأي أحدكم امرأة فأعجبته).... يدل علي أن هذا الأمر ميسور ومعتاد.

تعقيب :

الانفعالات لا تخدش مقام النبوة ، ولا تنافي العصمة ، إلا إذا كانت متولدة عن سبب محرم.
فالنظر سبب مكتسب ، والأثر المتولد عن النظر انفعال غير مكتسب.
فإذا نظر إلى الأجنبية بداعي الخطبة ، كان نظره مكتسبا له ، وأثره المترتب عليه من الإعجاب أو عدمه أو الاستواء غير مكتسب له.
فالسبب اختياري إرادي ، وأثره ضروري لا إرادي.
وإذا حصل الإعجاب بنظر الفجاءة ، فهو معذور فيه ، لأنه لم يتوصل إليه بسبب محرم ، ولم يقع منه قصد إلى النظر إلى الأجنبية ، وليس في مقدوره منع ترتب الأثر على المؤثر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق