قال الإمام سفيان الثوري: (إنما العلم الرخصة من ثقة ، أما التشديد فيحسنه كل أحد).

التشديد في حقيقته هو الاجتهاد الأسهل وليس الاجتهاد الأفضل

الأحد، 11 ديسمبر 2011

هل مشاركة المرأة في مجالات الحياة بحضور الرجال يجرح عفافها؟


1- إن كل الضوابط التي وضعها الشارع سواء لثياب المرأة خارج بيتها أو لمشاركتها مجالات الحياة بحضور الرجال هي من أجل تحقيق العفاف. وقد يقف قوم عند هذا التقرير وينسون أن هذه الضوابط وحدها لا تكفي لتحقيق العفاف , ذلك أن العفاف يعني صيانة البدن وجماله وشهواته من الابتذال. ولكن هذه الصيانة لا يكفي فيها الستر سواء الستر بالثياب أو الستر بجدران البيت.إنما الستر عنصر واحد ضروري وضرورته لا تقل عن ضرورة جميع العناصر. وتبدأ العناصر بأساس البناء الخلقي وهو الإيمان بالله واليوم الآخر , والإيمان غير معلق بالهواء ولا يعيش في فراغ إنما هو يسكن العقل
والقلب وليس البدن.فتنمية العقل وتزكية القلب حيث يسكن الإيمان هما سبيل قوة الإيمان , علي أن التفاعل دائم ومستمر بين هذه العناصر جميعها : العقل الواعي , والقلب الخاشع , والبدن الطاهر المستور وذلك من أجل حفظ كيان الإنسان المؤمن.فلننظر إذن كيف نوفر للمرأة القلب الخاشع والعقل اليقظ لتحفظ عليها خلق العفاف متينا صلبا فلا تذروه رياح الشهوات.

2- وكل هذه العناصر أو الطاقات قد سخرها الله تعالي ليعمر بها المسلمون الأرض أكمل عمارة وأشرف عمارة.فكيف يسوغ في عقول المؤمنين أن يثمر العفاف كل هذه الطاقات ثم نعطلها نحن ولا نسخرها كما أمر الله ؟. قد يقول البعض إن في البيت مجالا واسعا لتسخير الطاقات , وهذا قول حق ولكن ليس علي إطلاقه , إذ أحيانا قد تشغل رعاية البيت والأولاد وقت المرأة كله , ولكن في أحيان أخري لا يأخذ هذا من وقتها إلا القليل وتبقي المرأة في حالة فراغ وبطالة مؤسفة بل قد تكون مفسدة.أي أننا إذا لم نسخر هذه الطاقات – التي ساعد العفاف علي تأمينها – في عمل صالح ينفع مجتمع المسلمين واكتفينا بقرار المرأة في بيتها ولو دون نشاط خير , فكأننا قد جعلنا من هذا الخلق الرفيع نبتا نكدا لا يثمر غير بلادة العقل وموت القلب وخمول البدن. والعياذ بالله.

3. إن خلق العفاف فضيلة من أمهات الفضائل وهو أصيل ثابت ولا يجوز التفريط فيه,ولكن التطبيق العملي ليس له صورة واحدة هي القرار في البيت , بل يخضع لعوامل كثيرة تفرضها البيئة وظروف المرأة ولنضرب أمثلة من حياة الصحابيات الكريمات:

• عن سهل قال : لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعاماً ولا قدمه إليهم إلا امرأته أم أسيد.
أليس من الحق بعد هذا أن نقول : إن العروس إذا خدمت المدعوين لحفل العرس في احتشام فقد حافظت علي العفاف وإذا جلست في ركن بيتها وشاركت أترابها في مرح مشروع فقد حافظت علي العفاف.


• عن أسماء بنت أبي بكر قالت : ... وكنت أنقل النوي من أرض الزبير.
أليس من الحق بعد هذا أن نقول: إن المرأة إذا خرجت في احتشام لقضاء مصلحة للبيت فقد حافظت علي العفاف تماما كما إذا جلست في بيتها وأغناها عن الخروج زوج أو خادم.

• عن الربيع بنت معوذ قالت:كنا نغزو مع النبي صلي الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحي والقتلي إلي المدينة.
أليس من الحق بعد هذا أن نقول:إن المرأة إذا شاركت باحتشام في الجهاد بما يناسب طبيعتها فقد حافظت علي العفاف تماما كما إذا جلست في بيتها تخيط ثيابا للمجاهدين.

وهكذا تتعدد صور التطبيق ويبقي خلق العفاف ثابتا راسخا.



*****
من كتاب ((تحرير المرأة في عصر الرسالة))
عبد الحليم أبو شقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق