قال الإمام سفيان الثوري: (إنما العلم الرخصة من ثقة ، أما التشديد فيحسنه كل أحد).

التشديد في حقيقته هو الاجتهاد الأسهل وليس الاجتهاد الأفضل

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

تنمية شخصية المرأة


إن مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال يتيحان لها التعامل مع كثير من مجالات الخير كما أنهما يكسبانها اهتمامات رفيعة وخبرات متنوعة. بينما الانعزال يحرم المرأة من هذه المجالات والخبرات ويهبط بمستوي اهتماماتها.وهذا يعني أن المشاركة إحدي وسائل تنمية المرأة , فبلقاء الصالحين ينمو الصلاح عندها وبلقاء العلماء ينمو علمها وبلقاء المهتمين بالنشاط الاجتماعي والسياسي ينمو وعيها الاجتماعي والسياسي.


ولا ينكر أحد أن المرأة إذا خالطت الصالحات زاد صلاحها وإذا خالطت العالمات زاد علمها , وإذا خالطت العاملات في الحقل الاجتماعي زاد وعيها. ولكن إذا كانت أعلي درجات الصلاح والعلم والعمل في مجتمعاتنا يكاد يختص بها الرجال وحدهم , فما السبيل أمام النساء لكي ينمو صلاحهن وعلمهن ووعيهن؟ ونقصد عموم النساء وليست القلة التي توافر لهن جو عائلي غني بالصلاح أو بالعلم أو بالعمل.

ليس هناك من سبيل غير قدر من المشاركة في أرقي وأفضل مجتمعات الرجال والمهم أن يتوافر في تلك المجتمعات الأحاديث الرصينة والنشاط الجاد المثمر سواء في مجال العبادة والخلق أو في مجال العلم والفكر أو في مجال العمل الاجتماعي والسياسي.

وقد كان الحد الأدني من كل ذلك علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم يحصل بقصد النساء المسجد.فإن المسجد النبوي كان مركز إشعاع عبادي وثقافي واجتماعي للرجل والمرأة علي السواء. فإن قصدت المرأة سماع القرآن أو سماع العظة أو حضور ندوة أو محاضرة أو لقاء المسلمات للتعارف والتعاون علي البر والتقوي فهي وما قصدت من خير.

وهذا عن الحد الأدني أما عن الحد الأعلي فكان متمثلا في أزواجه صلي الله عليه وسلم حيث أكرمهن الله بصحبة مبلغ الوحي ومصدر العلم فضلا عن تواصلهن مع الحياة والناس من حولهن. فكان ذلك مما ساعد علي بلوغهن منزلة علمية رفيعة , فكن معلمات يأخذ عنهن كبار الصحابة والتابعين الحديث والتفسير والفقه.

وبعد فينبغي لعلمائنا اليوم أن يقتدوا بسنة رسول الله مع النساء حيث كان يتقدم ليعلمهن ولا يكل الأمر لغيره من الأصحاب. وفي هذا المعني ورد في صحيح البخاري قول عطاء التابعي الكبير حين سئل : أتري حقا علي الإمام الآن أن يأتي النساء فيذكرهن حين يفرغ؟ (أي كما كان يفعل رسول الله حين يفرغ من خطبة العيد) قال : إن ذلك لحق عليهم وما لهم لا يفعلونه ؟!.(رواه البخاري)

كما ينبغي لنسائنا أن يقتدين اليوم بسنة نساء المؤمنين حيث كن يذهبن إلي رسول الله يسألنه في قضاياهن ولا يكتفين بسؤال آبائهن وأزواجهن بل كن لا يكتفين بسؤال نسائه صلي الله عليه وسلم. وفي هذا المعني قال الحافظ ابن حجر تعليقا علي حديث سبيعة حين ذهبت تستفتي رسول الله: هل يحل لها النكاح بعد أن وضعت حملها؟ ولم تكتف بفتوي أبي السنابل قال : ( وفي الحديث ما كان في سبيعة من الشهامة والفطنة حيث ترددت فيما أفتاها به أبو السنابل حتي حملها ذلك علي استيضاح الحكم من الشارع).

بل ينبغي لنسائنا أن يقتدين اليوم بنساء النبي صلي الله عليه وسلم فيسعي فريق منهن لبلوغ أعلي درجات العلم حتي يأخذ عنهن الرجال كما يأخذ عنهن النساء.

*****
من كتاب ((تحرير المرأة في عصر الرسالة))
عبد الحليم أبو شقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق