قال الإمام سفيان الثوري: (إنما العلم الرخصة من ثقة ، أما التشديد فيحسنه كل أحد).

التشديد في حقيقته هو الاجتهاد الأسهل وليس الاجتهاد الأفضل

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

عموم الجماهير فريسة الخطاب المتشدد

المتشددون يصورون كشف المرأة عن وجهها بأنه انسلاخ من كل الفضائل , وهم بذلك يمارسون سياسة الإرهاب الثقافي لجماهيرهم المفتقرة لأدنى درجات المعرفة , حتى لا تتأثر بنصوص الخطاب المقابل.

إن عموم الجماهير لا تمارس القراءة الناقدة الفاحصة ، وإنما تؤثر فيها , نفسيا لا عقليا , كثافة النصوص التي يتم حشدها في سياق التحريم. وهي - أي الجماهير - لا تفحص صحة هذه النصوص ، ولا سلامة الاستدلال الذي يتخللها.


هذه الجماهير تقع فريسة الخطاب الوعظي العاطفي أحيانا الذي يتمثل في التبريرات المعلبة , التي لا يستطيع المتلقي كشف ما فيها من خلل في الاستدلال , مثل وجه المرأة أجمل ما فيها وبالتالي يجب ستره , وجه المرأة فتنة وهذا عصر الفتن , المرأة ماسة ودرة مكنونة.

ومع حشد النصوص ظنية التأويل ما ملأ عشرات الكتب , والتي ليس فيها دليل صحيح صريح , وإنما هو ما يفهمه المتشددون - تحت ثقل العادات والتقاليد - من هذه الآية الكريمة أو ذلك الحديث الشريف , يتصور المتلقي البسيط - الذي لا يستطيع عقله فحص مواطن الاستنباط فيها - يتصور نفسه منحرفا عن الدين , إن لم يستجب استجابة عمياء لهذا الخطاب التقليدي المتشدد الذي يُقدم نفسه بوصفه المُعبّر الوحيد الصادق عن حقائق هذا الدين.

وبدلا من أن يسلك المتشددون الطريق الصحيح للاجتهاد وهو جمع الأدلة الثابتة وفهمها وتتبعها فحيثما انتهت بهم وقفوا ، إما إلى التحريم أو الإباحة , نجدهم يقلبون الوضع أو ما يسمي بالاستدلال الخلفي ، فيضعون النتيجة التي يريدونها (تحريم كشف الوجه ) ، ثم يأخذون من الأدلة ما يؤدي بهم إلى هذه النتيجة ، ومنهم من يدع الصحيح ويأخذ ما لم يصح ، وقد يُفَسَّر اللفظ على معنى يحصره فيه ، مع إمكان فهم معنى غيره .
ولذلك قال العلماء : ينبغي علي الباحث أن يستدل قبل أن يعتقد , ليكون اعتقاده تابعاً للدليل لا متبوعاً له , لأن من اعتقد قبل أن يستدل قد يحمله اعتقاده علي رد النصوص المخالفة لاعتقاده , أوتحريفها إذا لم يمكنه ردها.ولقد رأينا ورأي غيرنا ضرر استتباع الاستدلال للاعتقاد , حيث حمل صاحبه علي تصحيح أحاديث ضعيفه , أو تحميل نصوص صحيحة ما لا تتحمله من الدلالة تثبيتاً لقوله واحتجاجاً به.

وهذه بعض التأويلات التعسفية والاستدلالات العجيبة لدعاة النقاب لكي توافق ما ادعوه من وجوب ستر الوجه والتي تؤثر في عموم الجماهير التي ترخي سماعها لها في غياب الخطاب المقابل.وقد مضي بحثها بالتفصيل في الموضوع :

  • الخمار غطاء الرأس ولكن الرأس يشمل الوجه , مع أن الشرع ميز بينهما في الوضوء. 
  • سدل الخمار على أن يُضرب على الجيب لا بد أن يغطي الوجه , مع أنه لا يلزم كما هو مشاهد اليوم بين المسلمات. 
  • جاء تفسير الزينة الظاهرة بالكحل والخاتم , أي أن الذي يظهر هو العينين وهذا دلالة علي النقاب. مع أن القفازات ليس بها ثقوب للخواتم. 
  • وجه المرأة أجمل من أسافل الساقين فكيف لا تشمله العورة.مع أن وجه الرجل أجمل من الفخذين ولا تشمله العورة , فليست العورة هي أجمل ما في المرأة أو الرجل.
  • قوله صلي الله عليه وسلم (المرأة عورة) لم يستثن شيئا , مع أن النبي صلي الله عليه وسلم قال أيضا (الحج عرفه) و(الدين النصيحة) و(التوبة الندم) وهذا الأسلوب لا يعني الكلية. 
  • النقاب واجب في غير الإحرام لقوله صلي الله عليه وسلم (لا تنتقب المحرمة) , مع أن العمامة ليست واجبة في غير الإحرام لقوله صلي الله عليه وسلم (لاتلبس ...ولا العمائم). 
  • لا دليل علي السفور في حديث "سفعاء الخدين" , مع أن هذا وصف لوجه المرأة. 
  • ليس في وصف المرأة الخثعمية بأنها وضيئة دليل علي السفور , مع أن راوي الحديث وصف الفضل أيضا بأنه وضيء.
  • المرأة الخثعمية يجوز لها الكشف لأنها كانت محرمة , مع أنه كيف يكون الوجه عورة في الحل ويصبح غير عورة في الإحرام؟!! 
  • يلزم من حفظ الفرج ستر الوجه , مع أن حفظ الفرج مأمور به الرجال والنساء. 
  • {ذلك أدنى أن يعرفن} أي لكي لا يعرفن وهذا لا يمكن إلا بستر الوجه , مع أن الكلام إثبات وليس نفي.


وفي شأن لباس المرأة 

  • استحباب لبس السواد لقوله صلي الله عليه وسلم لعائشة (فأنت السواد الذي رأيته أمامي) مع أن لفظ السواد يعني الشخص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق