قال الإمام سفيان الثوري: (إنما العلم الرخصة من ثقة ، أما التشديد فيحسنه كل أحد).

التشديد في حقيقته هو الاجتهاد الأسهل وليس الاجتهاد الأفضل

السبت، 24 ديسمبر 2011

صعوبة التدليل علي المباح

1- الواجبات والمحظورات محدودة وكذلك النصوص بشأنها محدودة,فلكل واجب أو محظور نص صريح يقرره.أما المباحات فغير محدودة ولا سبيل لأن يحيط المحدود بغير المحدود,ولذلك قرر الفقهاء أن " الأصل في الأمور الإباحة حتي يرد تحريم من الشارع".


2- إن رسول الله حين سُئل عما يحل للمحرم لبسه لم يجبهم بما هو حلال فإنه لا حدود له لكن عرفهم بالمحظور لبسه لأنه محدود:فعن عبد الله بن عمر أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله «لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعها أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران أو وَرس» (رواه البخاري).

3- ولنتأمل كيف أن وجوب الحجاب على نساء النبي صلي الله عليه وسلم جاء في نص صريح قاطع: {فاسألوهن من وراء حجاب} أما ما كان مباحا قبل الحجاب فلم ينزل فيه نص. وإذا كان هناك دليل على كشف وجوههن قبل الحجاب فإنما جاء بمناسبة خاصة وهي توضيح إحدى أمهات المؤمنين كيف تعرف عليها رجل أجنبي بعد الحجاب.

4- وفي شأن النقاب الذي كانت تلبسه بعض النساء قبل الإسلام وبعده، لم يوجد نص في تقرير إباحته ولكن لما كانت حجة الوداع صدر قرار من الشارع لمحظورات الإحرام ، ومنها حظر النقاب على المرأة المحرمة. ومن تقرير هذا الحظر تجلى دليل بالمفهوم على جواز النقاب في غير الإحرام.

5- وكذلك الحال في مشروعية سفور الوجه لم يكن هناك قول صريح في ذلك.ولكن لما حدثت مخالفة لحدود الشرع جاء النص ينكر المخالفة ويحرمها وكان هذا التحريم مناسبة لتقرير القدر المباح إبداؤه من المرأة وهو الوجه والكفين.

6- أما أقوال الفقهاء بشأن مشروعية سفور الوجه فلم ترد إلا بمناسبة تقريرهم لأمر واجب أو مندوب أو محرم أو مكروه. فعند بحثهم وجوب ستر المرأة عورتها في الصلاة ذكروا أن بدنها كله عورة عدا الوجه والكفين. وعند بحثهم وجوب أو ندب رؤية الخاطب لمخطوبته ذكروا جواز ذلك في حدود الوجه لأنه ليس بعورة. وعند بحثهم محظورات الإحداد على المرأة ذكروا النقاب ضمن المحظورات التي ينبغي أن تتجنبها المرأة الحادة، وذلك مما يشير إلى إباحة كشف وجهها. وعند بحثهم مكروهات الصلاة قالوا بكراهية انتقاب المرأة، وفي هذا تقرير لإباحة كشف وجهها.

7- ويذكّرنا الكلام على صعوبة التدليل على إباحة كشف الوجه، بكلام جيد لابن تيمية عند حديثه عن إباحة كشف الإماء رؤوسهن وتميزهن عن الحرائر، قال : «وليس في الكتاب والسنة .. ترك احتجابهن (أي الإماء) وإبداء زينتهن ، ولكن القرآن لم يأمرهن بما أمر به الحرائر. والسنة فرقت بالفعل بينهن وبين الحرائر، ولم تفرق بينهن وبين الحرائر بلفظ عام ، بل كانت عادة المؤمنين أن تحتجب منهم الحرائر دون الإماء».

وكذلك نقول: ليس في الكتاب والسنة نص صريح بترك ستر وجوه الحرائر وإبداء زينة الوجه والكفين (أللهم إلا حديث مرسل، جاء من طرق أخرى يتقوى بها وهو «إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصح أن يرى منها إلا هذا، وأشار إلى وجهه وكفيه» ) ولكن القرآن لم يأمر نساء المؤمنين بما أمر به نساء النبي صلي الله عليه وسلم حين قال:{فاسألوهن من وراء حجاب} والسنة فرقت بالفعل , بعد فرض الحجاب , بينهن وبين نساء المؤمنين. فعن فعل نساء النبي صلي الله عليه وسلم ورد قول عائشة: «وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم ... فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ... فخمرت وجهي بجلبابي».

وبعد هذا التمهيد، هناك قرائن تشير إلى إباحة سفور وجه المرأة في شريعة الإسلام، نوردها فيما يأتي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق