في عصر الرسالة كان الناس يعايشون السنة بكل أبعادها , ويفهمون
القرآن العظيم من خلال تلك المعايشة فهما مباشرا واضحا قويا , فظهر تأثيره المعجز
في إيجاد الأمة الوسط , الشهيدة علي الناس , المتصفة بالخيريّة التامة , القادرة
علي مواجهة أي تحد , المتخطية لأية عقبة , وحين بعد عهد الناس بالرسالة تجسد دور
القاموس اللغويّ في فهم النص علي
حساب وسائل وعناصر التفسير والفهم الأخري , وظل
دور القاموس يتضخم حتي طغي لدي البعض علي سائر الوسائل الأخري , وأصبح الوسيلة
الوحيدة للفهم والتفسير , فولدت العقلية الحرفية المعجمية وترعرعت حتي أصبحت
تيارات ضخمة يعمل بعضها خارج إطار الزمان والمكان وحركة الحياة والتاريخ , ويمد
معوقات نهضة الأمة بكثير مما تحتاجه من دعائم التعويق والجدل والاضراب ويختزل الإسلام
كله في جملة من الهياكل التاريخية والأشكال والصور التراثية ويبني علي المستحيل
كثيرا من التصورات والأطروحات , ويتوهم إمكان تكرير الحديث بكل عناصره مرات عديدة
, وذلك في الحياة الدنيا محال , فكيف يمكن للدراسات الحديثة للسنة أن تعالج هذه
القضايا وتباعد بين العقل المسلم وأخطارها , وتنقذه من هيمنة هؤلاء الذين أوشكوا
أن يفرغوا الإسلام من محتواه الثقافي ومضمونه الحضاري , ويحصروه في بعض الجوانب
السلوكية الفردية , والصور الجزئية الشكلية , والقوالب اللغوية واللفظية التي لا
يمكن أن تقيم مجتمعا أو توجد أمة أو تبني حضارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق